بعد أن كشف موقع " ميدل ايست آي" وثيقة الفصل 80 و التي تبيّن أنه قد وقع تسريبها من آلة طابعة لأحد مقرّبي مديرة الديوان السابقة نادية عكاشة و مسؤول رسمي رفيع المستوى كانت موجودة في مكتبه بجهة البحيرة، يطل علينا هذا المقرّب مجدّدا بفرقعة إعلامية جديدة ، "كشفتها" هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي و هي لقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و المدير العام لشركة " أوريدو " الخاصة للاتصالات الذي منح الشيخ النهضوي مليارات الدولارات نقدا .
الحكاية لقت رواجا كبيرا على الشبكات الاجتماعية و في الأوساط السياسية المعادية لحركة النهضة لا سيما منها المربوطة بأجندات مخالفة لجنسية الشركة المذكورة في هذه العملية التي أقل ما يقال عنها أنها مضحكة، لكن لا أحد بحث في كيفية التوصل الى كيفية حصول الهيئة على المعلومات ، تماما كما لم يتساءل أحد عن كيفية تسريب وثيقة الفصل 80.
بعد أيام من تسريبها، أي في 24 ماي 2021 ، عادت جمعية " بر الأمان" على ما يسمى بوثيقة " الانقلاب" ، لتبيّن أنه وقع تسريبها من حساب الصحفي العامل بموقع ميدل ايست أي و التي تمّ إنشاؤها بصيغة “الوورد” والأهمّ من ذلك أنّ كاتب الوثيقة قد عرّف نفسه باسم B.M و هو اسم شركة للاستشارات والهندسة المالية و وكيلها حسب السجل الوطني للمؤسسات هو و.ب صاحب شركة مالكة موقع رهان رياضي و التي كانت منذ مذة محل تتبع قضائي في تبييض الأموال في عهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد و لم يتم غلق ملفها الى اليوم رغم أن وكيلها يقدّم نفسه كناشط في مجال مكافحة الفساد.
من هو و.ب صاحب وثيقة الفصل 80 ؟
هو موظف سابق في الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية و بعد أن كان ناشطا في الجامعة في شباب التجمع الدستوري الديمقراطي بحكم اشتغال والده في منصب والي، تم تعيينه في حكومة الترويكا كمستشار لأحد الوزراء ، بحكم أنه قد انتقل في انتماءه من التجمع الى المؤتمر من أجل الجمهورية و منه الى التيار الديمقراطي بعد تفكك حزب الرئيس الأسبق منصف المرزوقي ليغادره بعد ذلك مع المحافظة على علاقاته ببعض نواب التيار.
"و.ب" و بعد مغادرة يوسف الشاهد للحكم في 2019 تقرب من مسؤول رفيع المستوى في قصر قرطاج مكنه من ربط علاقة مع مدير ديوان رئيس الجمهورية نادية عكاشة و التي نقل موقع ميدل ايست أي أن الوثيقة الخاصة قد تسربت من مكتبها.
ما لا يعلمه أغلب المطلعين على الشأن العام، أن شركة الرهان الرياضي و بعد ملاحقتها قضائيا في قضايا تبييض الأموال و تدهور وضعها المالي ، كانت قد تحصلت على عقد إشهار من شركة أوريدو عبر مديرها التجاري المطرود "حسام. ع" و الذي نبيّن فيما بعد أنه ضالع في عمليات فساد كبرى و تسريب بيانات للحرفاء للأحزاب السياسية ، مما دفع الشركة المشغّلة الى تتبعه قضائيا و مراجعة كل الصفقات و العقود التي أبرمها بحكم منصبه، بما فيها العقد مع شركة صديقه "و. ب" و شركته للرهان الرياضي.
الطابور الخامس الأوروبي و اليسار على الخط
عودة إلى نادية عكاشة و دورها في تفعيل الفصل 80 ، لسائل أن يسأل عن الصلة التي تربط بـ"و.ب" محرر الوثيقة و مديرة الديوان السابقة .
ما لا يعلمه الجميع أن هذا الشخص في سنة 2019 و بعد الانتخابات، كان قد ربط الصلة بمسؤول رفيع المستوى بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية و كان يُطلعه أثناء لقاءاتهما على ما يدور في القصر، و للتغطية على قضايا شركته، عرض خدماته على المسؤول الدي بدوره عرضها على مديرة الديوان قبل أن ينقلب عليها و يربط الصلة بالناشط اليساري رضا لينين المتحدث زورا و بهتانا باسم جهات رسمية تونسية و الذي يدعي قربه و علاقته المتينة بمراكز القرار السياسي في تونس ، ممّا جعل هيئة الدفاع عن الشهيدين أو بالأحرى ما تبقى منها تستغل لينين في ربط علاقة مع المسؤول المذكور و "و.ب" الذي مكّن المجموعة من نسخة من رسالة يدعي أنها مسرّبة من البريد الالكتروني لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و الادعاء أن مدير شركة اورويدو للاتصالات قد قابله في أحد نزل العاصمة و مكنه من مبالغ طائلة تقدر بمليارات الدولارات، في حين أن القصة لا تستقيم لأن مدير النزل المذكور مصري الجنسية و له أيضا قصة طويلة سينكشف عنها لاحقا.
هيئة الدفاع استغلت الموضوع للفرقعة الإعلامية وخدمة غير مطلوبة أصلا من السلطة السياسية للتغطية على عمليات مراوغة قضائية تقوم بها لتغيير مسار قضية الشهيدين التي كشفت الأبحاث فيها أن أطرافا مقربة من الشهيدين ذات شبهة في القضية.
و في نفس السياق، جدير بالذكر أيضا أن حلقة أخرى تتحرك بنفس الاجندا و الخلفيات ، تتمثل في عاملة في المعهد الفرنسي بالعاصمة التونسية و الذي هو يرجع بالنظر لوزارة الخارجية الفرنسية وتقدم نفسها على أنها إعلامية لظهورها في عدد من البرامج التلفزية و الاذاعية و هي مايا القصوري التي ليست الا زوجة عبد العزيز المزوغي صديق "و.ب"، إذ تجمع كل هؤلاء علاقة صداقة بحكم انحدارهم من نفس المدينة و هي مدينة المرناقية شمال غربي العاصمة.
و لئن غادرت نادية عكاشة مأمورة مايا القصوري القصر الرئاسي ، فإن المسؤول المذكور لا يزال موجودا و لا زال يحافظ على نفس علاقات عكاشة و يقوم بتوظيفها الى حد اللحظة خوفا من العزل و تملقا لرضا لينين صديق أحد المتموضعين في وزارات السيادة و المقرب جدا من لطفي براهم وزير الداخلية الأسبق الذي أقاله يوسف الشاهد على خلفية اتهامه بالتخطيط لعملية انقلاب بدعم سعودي كانت قد كشفته الصحافة الفرنسية حينئذ.
هكذا اذا تكتمل الصورة و تنكشف دائرة العلاقات بين مختلف المتموضعين في الطابور الخامس الذين يستهدفون العلاقات الديبلوماسية لتونس بباقي الدول الشقيقة و الصديقة و منها دولة قطرـ تنفيذا لأجندات معادية و لتُدار حروب الأخرين على أرضنا .
Tags:
أخبار